تصديق الإنجيل للتوراة

بين الله تعالى في القرآن الكريم أن الإنجيل يُصدق التوراة من قبله (سورة المائدة، 46؛ سورة الصف، 6). وفي الحقيقة، إن جميع الأنبياء والرسل بُعثوا لتبليغ عقيدة التوحيد للناس، أي لتبليغ دين الإسلام. فالدين عند الله الإسلام (سورة آل عمران، 19). وعيسى عليه السلام هو حلقةٌ في سلسلة الأنبياء هذه. والإنجيل الذي أُنزل عليه هو كتابٌ مصدقٌ للتوراة. فإنها لا تختلف أُسس الدين باختلاف الكتب. فبيان القرآن الكريم أن الله تعالى قد علَّم عيسى عليه السلام التوراة والإنجيل هو علامة على الاستمرارية في رابطة الوحي.
إن تصديق الإنجيل للتوراة، يعني تصديقه لمبادئ الدين الأساسية. أي أن الإنجيل يتضمن المبادئ الأساسية لدين الله كالتوحيد والنبوة والآخرة والعدل والعديد من أحكام التوراة التي لم تُنسخ. ومع هذه الوحدة في مبادئ الدين الأساسية إلا أن هنالك اختلافات بين الكتابين في القضايا العملية للدين. وقد قال عيسى عليه السلام في الإنجيل: «لَا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لِأَنْقُضَ بَلْ لِأُكْمِلَ» (إنجيل متى، 5/17).
ويُفهم من آيات القرآن الكريم أن عيسى عليه السلام قد اتبع آثار الأنبياء من قبله في أركان الدين الأساسية، ولكنه كان ذا شريعةٍ مستقلةٍ. ولهذا السبب، كان النصارى ملزَمين بالعمل بالإنجيل إلى أن جاء القرآن الكريم. وكانت مسؤوليتهم تجاه التوراة ضمن الدائرة التي يُصدقها الإنجيل منها. ولكن بعد نزول القرآن الكريم أصبح جميع المؤمنين مكلفين بالعمل به. فقد قال الله تعالى عن هذا الأمر: «وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ» (سورة المائدة، 49). وذلك لأن الإنجيل فقدَ مع مر الزمن صورته الأصليةَ وهذا طرأ على التوراة أيضاً لأسبابٍ مختلفةٍ.

10