جمع القرآن

حفظ محمدٌ صلى الله عليه وسلم الوحي الذي أتى به جبريل عليه السلام كما هو. وقد بيَّن الله تعالى أنه سيعينه على هذا، حيث قال: «لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ» (سورة القيامة، 16-19). وكان رسول الله يقرأ الآيات التي تُوحى إليه على المسلمين ويستكتب بعد ذلك كتبة الوحي تلك الآيات. وكانت الثقافة الشفاهية سائدةً في ذلك الوقت، فكان الناس يحفظون الآيات بسهولةٍ، ويقرأون ما حفظوه في صلواتهم، ويطبقون المبادئ التي تنص عليها في حياتهم.
الآيات القرآنية التي دوَّنها كتبة الوحي لم تُجمع في مصحفٍ في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. وسبب ذلك هو أن النبي كان على قيد الحياة وأن الوحي كان لا يزال ينزل عليه. وكان النبي وجبريل عليهما السلام يقرآن على بعضهما ما نزل من آيات القرآن في شهر رمضان الكريم (صحيح البخاري، بدأ الخلق، 6).
قد جُمع القرآن الكريم في مصحفٍ بشكلٍ كاملٍ في فترة خلافة أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بمدةٍ قصيرةٍ (صحيح البخاري، فضائل القرآن، 3، 4). وقد أدَّت لجنة برئاسةِ زيد بن ثابت أحدُ كتبة وحي رسول الله تلك المهمةَ بدقةٍ شديدةٍ. وفي عهد عثمان رضي الله عنه، نُسخ من ذلك المصحف 7 مصاحف وأُرسلت إلى المدن الرئيسة التي يعيش فيها المسلمون.
وهكذا، حُوفظ على القرآن الكريم بعيداً عن التحريفات التي واجهتها الكتب السماوية الأخرى، نتيجةً لجهود المسلمين وعنايتهم الخاصة به. ولهذا لا اختلاف بين نسخ القرآن الكريم اليوم في جميع أنحاء العالم.

20