لهم القدرة على التشكل في هيئة غير هيئتهم وصورهم

إن الملائكة كائنات نورانية. ومع ذلك يمكننا أن نفهم من دلالة الآيات والأحاديث النبوية أن هذه الكائنات لها القدرة على التشكل والتمثل على هيئة إنسان. وعندما يظهرون على صورة إنسان ما كان الأنبياء وحدهم من يرونهم بل كل الناس من المؤمنين وحتى الكفار كانوا قادرين على رؤيتهم. وهناك العديد من الآيات والأحاديث التي تتحدث عن الأمر هذا ومن بين تلك الآيات التي تتحدث عن تشكلهم بصورة الإنسان، تلك الآية التي تتحدث عن قدومهم إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام يزفون له بشرى غلامه إسحاق عليه السلام ومع ذلك لم يكن إبراهيم عليه السلام يعلم أنهم ملائكة إلى أن أخبروه هم بذلك. (سورة هود، 11/ 69-71)
ومن المواقف الأخرى التي ظهر فيها الملائكة بصورة البشر هو عندما جاؤوا إلى قوم لوط لإهلاكهم. فلقد كانوا على هيئة فتية ذوي صورة حسنة(الألوسي، روح العاني، الجزء 6، 301) وقد أرسلوا إلى لوط عليه السلام. وكان قوم لوط يأتون الفاحشة ما سبقهم إليها أحد من العالمين. (سورة الأعراف، 7/80) وحينما رأوا الملائكة وهم بهذه الصورة الحسنة أرادوا أن يفعلوا بهم الفاحشة. وعندما فزع سيدنا لوط مما سيقوم به قومهم بضيوفه، طمأنوه وأخبروه بأنهم رسل الله إليه وأن قومه لا يستطيعون أن يؤذوهم وأنهم جاؤوا لإهلاكهم. (سورة الأعراف،7/ 80-84 ، سورة العنكبوت، 29/33)
ومن بين المواقف الأخرى التي تتحدث عن تصور الملائكة بصورة بشر ما حدث مع السيدة مريم عندما تمثل لها سيدنا جبريل عليه السلام بشرا سويا وبشرها بسيدنا عيسى عليه السلام. فقد قال الله تعالى: "واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا" (سورة مريم،19/ 16-17)
إن جبريل عليه السلام هو الملك المكلف بنقل الوحي إلى الرسل عليهم السلام، ولقد وردت الأخبار بأن سيدنا جبريل كان ذا بأس شديد وقوة وكان بحجم عظيم جدا وعلى صورة وهيئة عظيمة. (سورة النجم، 53/ 5-7) وأخبر رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قد رآه على صورته التي خلقها الله بها أكثر من مرة. (صحيح البخاري، بدء الخلق، 7) ، ولقد كان جبريل عليه السلام يأتي رسول الله بصورة دحية بن خليفة. وكان يأتيه أحيانا أخرى بصورة أشخاص ما كان أحد من صحابة رسول الله يعرفهم، وكان يأتيه بالوحي وهو على هذه الصورة. ولقد رأى الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين جبريل وهو على هذه الصورة ولكنهم ما كانوا يعرفون أنه جبريل عليه السلام إلا بعد أن أخبرهم رسول الله عليه الصلاة والسلام بذلك. (صحيح البخاري، الإيمان، 36)

15