مضمون القرآن
إن القرآن الكريم لا يشبه الكتب التي يؤلفها البشر من نواحٍ عدة. فعلى سبيل المثال، نزل القرآن الكريم منجماً في فتراتٍ مختلفةٍ بحسب ظروفٍ معينةٍ، وقُسمت سوَرُه بأمرٍ من النبي صلى الله عليه وسلم. ولهذا السبب، فإنه ليس للقرآن تصنيفٌ يُكوِّن وحدةً موضوعيةً كما هو المعتاد في الكتبِ المنهجية. وتحديد المواضيع التي سيحتوي عليها القرآن الكريم هو مسألةٌ تتعلق بتقدير الله وحُكمِه. فالقرآن الكريم لم يُوضع بحسب أهواء البشر التي تؤدي إلى ما لا يُحمد عقباه.
إن مضمون القرآن الكريم واسعٌ للغاية، قال الله تعالى: «مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ» (سورة الأنعام، 38). والمواضيع الأساسية للقرآن الكريم هي ذات الله، وصفاته، وأفعاله، والعلاقة بين الله والإنسان، والعلاقة بين الله والعالم، والتاريخ البشري من الماضي إلى الحاضر، والحياة الآخرة. وإنه من المستحيل أن نجد في القرآن ما هو خاطئٌ، لأنه كتاب الله العليم الذي لا نهاية لعلمه. ولذلك فعلى المؤمن أن يبحث جيداً وألا يستعجل في الحكم عندما يواجه موضوعاً ما لم يستوعبه عقله أثناء قراءته القرآن.
إن فهم مضمون القرآن الكريم الذي يُرشد الإنسان في حياته الدنيا والآخرة بصورةٍ صحيحةٍ هو أمرٌ في غاية الأهمية. ولهذا فقد ضرب الله تعالى في القرآن الأمثال بالغيث والسحاب والعنكبوت أحياناً لتسهيل الفهم على القارئ. إلا أن المشركين قالوا: «الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال» منتقدين بقولهم، تلك الأمثال ومستهزئين بها. فأنزل الله تعالى: «إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ» (سورة البقرة، 26).
21