نزول القرآن

القرآن الكريم هو الكتاب السماوي الذي أنزله الله تعالى على النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الوحي ليبلغه للناس. والوحي هو إعلام الله تعالى عبداً اصطفاه من خلقه في سرعةٍ وخفاءٍ. وهذا الإعلام قد يكون بصورةٍ مباشرةٍ أو بواسطة جبرائيل عليه السلام. ولكنه من المستحيل أن نفهم ماهية الوحي بصورةٍ تامةٍ عبر إدراكاتنا البشرية.
نزلت أول آيات القرآن الكريم في ليلة 27 من شهر رمضان الكريم سنة 610 على النبي صلى الله عليه وسلم بينما كان في الأربعين من عمره (سورةِ البقرة، 185؛ سورة الضحى، 1-3؛ سورة القدر، 1). فعندما اقترب عمره صلى الله عليه وسلم من الأربعين كان يذهب إلى غار حراء للتعبد والتفكر وحيداً. وبعد مدةٍ من الزمن نزلت عليه الآيات الأولى من سورة العلق في حراء: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ» (سورة العلق، 1-5). فكان هذا الوحي وما نزل عليه من بعده نبأ بعثته النبوية عليه الصلاة والسلام.
ومن الجدير بالذكر هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بذهابه المستمر إلى غار حراء يتطلع إلى النبوة. لأن شعوراً من الرهبة والخوف قد خالطه عليه الصلاة والسلام عندما جاء إليه ملك الوحي جبرائيل عليه السلام. والقرآن الكريم يدلنا على أن رسول الله لم يكن يتطلع إلى النبوة، حيث قال تعالى: «وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ» (سورة القصص، 86).
ولم ينزل القرآن الكريم جملةً واحدةً، وإنما نزل منجماً واكتمل نزوله في 23 سنة (سورة الفرقان، 32). وهذه حالةٌ يختص ويتميز بها القرآن الكريم عن سائر الكتب السماوية. ولنزول القرآن الكريم مفرقاً حِكَمٌ كثيرةٌ، منها: فهم الوحي وتبنِّيه من قِبل المجتمع بشكلٍ أفضل، وإعطاء الوقت الكافي لمن صَعُب عليهم فهم الأحكام وتطبيقها، والتدرج في تغيير المجتمع مراعاةً للحياة اليومية، وزيادة اهتمام الأفراد بالوحي.

19